سورة الحجرات - تفسير أيسر التفاسير

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحجرات)


        


{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)}
(10)- المُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ في الدِّينِ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولا يُسْلِمُهُ».
فأصْلِحُوا بَينَ الأخَوينِ المُتَقَاتِلَينِ، أو الطَّائِفَتَين المُتَقَاتِلَتَين كَما تُصْلِحُونَ بين الأخَوينِ منَ النَّسَبِ، وَاتْقُوا اللهَ في جَميعِ أمُورِكُم لَعَل اللهَ يَرْحَمُكُم وَيَصْفَحُ عَمَا سَلَفَ مِنْكُم مِنْ ذُنُوبٍ وَهَفَواتٍ.


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)}
{ياأيها} {آمَنُواْ} {بالألقاب} {الإيمان} {فأولئك} {الظالمون}
(11)- يَنْهَى اللهُ تَعَالى المُؤْمنينَ عنِ السُّخرِيةِ مِنْ إِخْوانِهِم المُؤْمِنينَ، وَالاستْهزاءِ بِهِمْ، وَاسْتصْغَارِ شأَنِهِم، فَقَدْ يَكُونُ المُسْتَهزَأ بهِ أكْرَمَ عِنْدَ اللهِ مِنَ السَّاخِرِ مِنهُ، وَالمُحتقِر لهُ، فَيَظْلمُ نَفْسَه بِتَحْقيرِ مَنْ وَقَّرَهُ اللهُ.
كَمَا نَهى تَعَالى النِّساءَ المُؤْمِنَاتِ عَنْ أنْ يَسْخَرْنَ مِنْ أخَواتِهِنَّ المُؤْمِنَاتِ، فَقَدْ تَكُونُ المُسْتَهزأ بِها أكرَمَ عِنْدَ اللهِ مِنَ السَّاخِرةِ مِنْها. كَما أمَرَ اللهُ المُؤْمِنينَ بألا يَغْتَابَ بَعْضُهُم بَعْضاً، وَبأنْ لا يَعِيبَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَبأنْ لا يَطْعَنَ بَعْضهُمْ في بَعْضٍ. وَاعْتَبَرَ تَعَالى لَمْزَ الإِنسَانِ أخَاهُ كَلمْزِهِ نَفْسَهُ، وَطَعنَهُ أخَاه كَطَعْنِهِ في نَفْسِهِ، لأنَّ المُسْلِمينَ جِسَدٌ وَاحِدٌ إِنِ اشتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهرِ وَالحمى. كَما قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وأمرُ الله تَعَالى المُؤْمِنينَ بأنْ لا يَدْعُو بَعْضُهُمْ بَعْضاً بِلَقَبِ يَسُوؤُهُ أو يَكْرَهُهُ، كَأنْ يَقُولَ مُسْلِمٌ لأخِيهِ المُسْلِمِ: يا فَاجِرُ، أوْ يَا غَادِرُ أو يَا عَدُوَّ اللهِ أو يَا مُنَافِقُ...
وَقَالَ ابنُ عَبّاس: «إنَّ التَّنَابُزَ بالألْقَابِ أنْ يَكُونَ الرَّجُلُ عَمِلَ السِّيئَاتِ ثُمَّ تَابَ، وَرَجَعَ إِلى الحَقِّ، فَنَهى اللهُ تَعَالى أنْ يُعَيَّر بِما سَلَفَ مِنْ عَمَلِهِ».
وَبِئْسَتِ الصِّفَةُ، وَبِئْسَ الاسْمُ للْمُؤْمِنينَ أنْ يُذكَرُوا بالفُسُوقِ بَعْدَ دُخُولِهمْ في الإيمَانِ. وَمَن لم يَتُبْ مِنْ نَبْزهِ أخَاهُ المُؤمِنَ بِلَقَبِ يَكْرَهُهُ، وَمَنْ لَمْ يَتُبْ مِنْ لَمْزهِ إخْوَتَهُ، وَمِنْ سُخْرِيَتِهِ مِنْهُم.. فأولئِكَ هُمُ الظَّالِمونَ الذِينَ ظَلَمُوا أنفُسَهم فَأكْسَبُوها عِقَابَ اللهِ بِعِصْيَانِهِم إيَّاهُ.
لا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ- لا يَدْعُو بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِلَقَبٍ يَكْرَهُهُ.
لا يَسْخَرْ- لا يَهْزأ.
لا تَلْمِزُوا أنْفسَكُمْ- لا يَعِبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَلا يَطْعَنْ فِيهِ.


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)}
{ياأيها} {آمَنُواْ}
(12)- يَنْهى اللهُ تَعَالى عِبَادَهُ المُؤْمِنينَ عَن الظَّنِّ السَّيِّء بإخوانِهِمْ المُؤْمِنينَ، لأنَّ ظَنَّ المُؤْمِنِ السَّوْءَ إِثمٌ، لأنَّ اللهَ نَهَى عَنْ فِعْلِهِ، فَإذا فَعَلَهُ فَهُوَ آثمٌ.
وَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فإِنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَدِيثِ. لا تَجَسُّوَا، وَلا تَحَسَّسُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْواناً». البَخَارِيُّ وَمُسْلمٌ.
ثُمَّ نَهَى اللهُ تَعَالى المُؤْمِنينَ عَنْ أن يَتَجَسَّسَ بَعُضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، كَمَا نَهَاهُمْ عَنْ أنْ يَتَتَبَّعَ بَعْضُهُم عَوْرَاتِ بَعْضٍ، وَعَنْ أنْ يَبْحَث الوَاحِدُ مِنْهُمْ عَنْ سَرَائِرِ أخِيهِ، وَهُوَ يَبْتَغِي بِذِلَكَ فَضْحَهُ، وَكَشْفَ عُيُوبِهِ.
ثُمَّ نَهَاهم عَنْ أنْ يَغْتَابَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَعَنْ أنْ يَذْكُرَ أحَدُهُمْ أخَاهُ بما يَكْرَهُ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ وَخَلْقِهِ وَخُلُقِهِ وَأهلِهِ وَمَالِهِ وَزَوْجِهِ وَوَلدِهِ.. (كَما عَرَّفَ رَسُولُ اللهِ الاغِتْيَابَ).
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بلِسَانِهِ وَلَم يَدْخُلِ الإِيمانُ قَلْبَهُ: لا تَغْتَابُوا المُسْلِمينَ، وَلا تَتبَّعُوا عَوْرَاتِهِم فإِنَّ مَنِ تَتَبَّعَ عَوْرَاتِهِمْ تَتَبَّعَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَتَبَّعِ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ في عُقْرِ بَيْتِهِ».
وَشَبَّه تَعَالى اغْتِيَابَ المُؤْمِنِ لأخيِهِ المؤمِنِ بأكْلِهِ لَحمَهُ بَعْدَ موتِهِ، وَقَالَ لِلمُؤمِنِينَ إنَّهم إذا كَانَ أَحَدُهُمْ يَكْرَهُ أكْلَ لَحْمِ أخِيهِ بَعْدَ مَوتِهِ، وَإذا كَانَتْ نَفْسُهُ تَعَافُ ذَلِكَ فَعَلَيهِمْ أنْ يَكْرَهُوا أنْ يَغْتَابُوهُ في حَيَاتِهِ.
وَلِلْغِيبَةِ ثَلاثَةُ وُجُوهٍ:
الغِيبَةُ- وَهِيَ أنْ يَقُولَ الإِنسَانُ في أخيهِ مَا هُوَ فيه مِمَّا يَكْرَهُهُ.
الإٍفْكُ- أنْ يَقُولَ فِيهِ مَا بَلَغَهُ عَنْهُ مِمَّا يَكْرَهُهُ.
البُهْتَانُ- أنْ يَقُولُ فيهِ مَا لَيسَ فيهِ ممّا يَكْرَهُهُ.
ثُمَ حَثَّ اللهُ تَعَالى المُؤْمِنينَ عَلى تَقْوى اللهِ، وَعَلَى تَرْكِ الغِيبَةِ، وَمُرَاقَبِتِهِ تَعَالى في السِّرِّ والعَلنِ، فإذا تَابُوا وانتَهَوا واستَغْفَروا رَبَّهم عَمّا فَرَطَ مِنْهُم، اسْتَجَابَ لَهُم رَبُّهُمْ، فَتَابَ عَلَيِهمْ، لأنَّه تَعَالى كَثيرُ التَّوْبِ عَلَى عِبَادِهِ، كَثِيرُ الرَّحمةِ بِهِمْ.
كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِثْمٌ- هُوَ ظَنُّ السُّوءِ بأهْلِ الخَيْرِ.
لا تَجَسَّسُوا- لا تَتَتَبَّعُوا عَوْرَاتِ المُسْلِمينَ.
فَكَرِهْتُمُوهُ- فَقَدْ كَرِهْتُمُوهُ فَلا تَفْعَلُوهُ.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6